فصل: فَصْلٌ: في يحرم من الثياب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: في يحرم من الثياب:

(وَيَحْرُمُ عَلَى ذَكَرٍ وَأُنْثَى لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ) لِحَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْتُ، الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ أَوْ كَلْبٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَتَعْلِيقُهُ) أَيْ: مَا فِيهِ صُورَةٌ (وَسَتْرُ الْجُدُرِ بِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَتَصْوِيرُهُ كَبِيرَةٌ) لِلْوَعِيدِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» (حَتَّى فِي سِتْرٍ وَسَقْفٍ وَحَائِطٍ وَسَرِيرٍ وَنَحْوِهَا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ لَا (افْتِرَاشِهِ وَجَعْلِهِ) أَيْ: الْمُصَوَّرِ (مِخَدًّا) فَيَجُوزُ (بِلَا كَرَاهَةٍ).
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّكَأَ عَلَى مِخَدَّةٍ فِيهَا صُوَرٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.
(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى مَا فِيهِ صُورَةٌ، وَلَوْ عَلَى مَا يُدَاسُ، وَالسُّجُودُ عَلَيْهَا) أَيْ: الصُّورَةِ (أَشَدُّ كَرَاهَةً) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ» وَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَلَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْمُرَادُ بِهِ: كُلُّ مَنْهِيٍّ عَنْ اقْتِنَائِهِ.
وَفِي الْآدَابِ: هَلْ يُحْمَلُ عَلَى كُلِّ صُورَةٍ أَمْ صُورَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا قُلْتُ الْأَظْهَرُ الثَّانِي (وَلَا) تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ (جَرَسٌ) لِحَدِيثِ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جَرَسٌ» رَوَاه أَبُو دَاوُد (وَلَا جُنُبٌ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ» إسْنَادُهُ حَسَنٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُ أَنْ يَنَامَ إذَا تَوَضَّأَ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْجُنُبِ مِنْ حَرَامٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى مَنْ يَتْرُكُهُ عَادَةً وَتَهَاوُنًا.
(وَلَا تَصْحَبُ) الْمَلَائِكَةُ (رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ) أَوْ كَلْبٌ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ» رَوَاه مُسْلِمٌ قَالَ فِي الْآدَابِ: وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الطَّرِيقِ اتِّفَاقًا بِمَنْ مَعَهُ كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ وَلَمْ يَقْصِدْ رُفْقَتَهُ فَهَلْ يَكُونُ سَبَبًا لِعَدَمِ صُحْبَةِ الْمَلَائِكَةِ أَمْ لَا؟ أَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الِانْفِرَادُ فَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ سَبَبًا، وَإِلَّا فَلَا؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَاتٌ (وَإِنْ أُزِيلَ مِنْ الصُّورَةِ مَا لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، كَالرَّأْسِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْسٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ: فَلَا كَرَاهَةَ فِي الْمَنْصُوصِ.
(وَلَا) بَأْسَ (بِلَعِبِ الصَّغِيرَةِ بِلُعَبٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ) أَوْ مَقْطُوعٍ رَأْسُهَا، أَوْ مُصَوَّرَةٍ بِلَا رَأْسٍ (وَلَا) بَأْسَ بِ (شِرَائِهَا نَصًّا) لِلتَّمْرِينِ (وَيَأْتِي فِي الْحَجَرِ) مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى هَذَا (وَتُبَاحُ صُورَةُ غَيْرِ حَيَوَانٍ كَشَجَرٍ وَكُلِّ مَا لَا رُوحَ فِيهِ، وَيُكْرَهُ) جَعْلُ صُورَةِ (الصَّلِيبِ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ) كَالطَّاقِيَّةِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْخَوَاتِيمِ وَغَيْرِهَا لِقَوْلِ عَائِشَةَ: إنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ لَا يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصْلِيبٌ إلَّا قَضَبَهُ» رَوَاه أَبُو دَاوُد قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَيُحْتَمَلُ تَحْرِيمُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ (وَيَحْرُمُ عَلَى رَجُلٍ وَلَوْ كَافِرًا) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ.
(وَ) عَلَى (خُنْثَى لُبْسُ ثِيَابِ حَرِيرٍ) لِحَدِيثِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ الْحَرِيرُ (بِطَانَةً) لِعُمُومِ الْخَبَرِ (وَ) لَوْ (تِكَّةَ سَرَاوِيلَ وَشُرَابَةً) نَصَّ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ (وَالْمُرَادُ شُرَابَةٌ مُفْرَدَةٌ، كَشُرَابَةِ الْبَرِيدِ، لَا تَبَعًا فَإِنَّهَا كَزِرٍّ) فَتُبَاحُ وَمَا رُوِيَ «أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ بِمَا أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَخٍ لَهُ مُشْرِكٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهَا وَقَدْ «بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إبَاحَةُ لُبْسِهِ.
(وَيَحْرُمُ افْتِرَاشُهُ أَيْ: الْحَرِيرِ) لِمَا رَوَى حُذَيْفَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى أَنْ يُلْبَسَ الْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ وَأَنْ يُجْلَسَ عَلَيْهِ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ (وَ) يَحْرُمُ (اسْتِنَادُهُ) أَيْ: الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى (إلَيْهِ وَاتِّكَاؤُهُ عَلَيْهِ وَتَوَسُّدُهُ، وَتَعْلِيقُهُ، وَسَتْرُ الْجُدُرِ بِهِ) فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّجَالِ بِكُلِّ حَالٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَأَبِي الْمَعَالِي فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ شُرَابَةُ الدَّوَاةِ وَسِلْكُ الْمِسْبَحَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْمُتَعَبِّدَةِ ا هـ.
وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ إبَاحَةَ يَسِيرِ الْحَرِيرِ مُفْرَدًا (غَيْرِ الْكَعْبَةِ) الْمُشَرَّفَةِ، فَلَا يَحْرُمُ سَتْرُهَا بِالْحَرِيرِ.
(وَكَلَامُ أَبِي الْمَعَالِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ) وَتَبِعَهُ فِي الْمُبْدِعِ (إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ) فَلَا يَحْرُمُ مَعَهَا لُبْسُ مَا كُلُّهُ حَرِيرٌ وَلَا افْتِرَاشُهُ وَنَحْوُهُ (وَكَذَا مَا غَالِبُهُ حَرِيرٌ ظُهُورًا) فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ، كَالْخَالِصِ، لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مُلْحَقٌ بِالْكُلِّ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَ(لَا) يَحْرُمُ مَا كَانَ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ (إذَا اسْتَوَيَا ظُهُورًا وَوَزْنًا، أَوْ كَانَ الْحَرِيرُ أَكْثَرَ وَزْنًا وَالظُّهُورُ لِغَيْرِهِ) وَكَذَا إذَا اسْتَوَيَا ظُهُورًا، لِأَنَّ الْحَرِيرَ لَيْسَ بِأَغْلَبَ وَإِذَا انْتَفَى دَلِيلُ الْحُرْمَةِ بَقِيَ أَصْلُ الْإِبَاحَةِ (وَلَا يَحْرُمُ خَزٌّ وَهُوَ مَا سُدِيَ بِإِبْرَيْسَمٍ) وَهُوَ الْحَرِيرُ (وَأُلْحِمَ بِوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ وَنَحْوِهِ) كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ.
لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ أَمَّا السَّدَى وَالْعَلَمُ فَلَا نَرَى بِهِ بَأْسًا» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ: إبَاحَةُ الْخَزِّ دُونَ الْمُلْحَمِ وَغَيْرِهِ وَيُلْبَسُ الْخَزُّ، وَلَا يُلْبَسُ الْمُلْحَمُ وَلَا الدِّيبَاجُ ا هـ وَالْمُلْحَمُ مَا سُدِيَ بِغَيْرِ الْحَرِيرِ وَأُلْحِمَ بِهِ (وَمَا عُمِلَ مِنْ سَقَطِ حَرِيرٍ وَمُشَاقَتِهِ، وَمَا يُلْقِيهِ الصَّانِعُ مَنْ فَمِهِ مَنْ تَقْطِيعِ الطَّاقَاتِ إذَا دَقَّ وَغَزَلَ وَنَسَجَ، فَكَحَرِيرٍ خَالِصٍ، وَإِنْ سُمِّيَ الْآنَ خَزًّا) فَيَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالْخَنَاثَى لِأَنَّهُ حَرِيرٌ وَظَاهِرُ كَلَامَهُمْ: يَحْرُمُ الْحَرِيرُ وَلَوْ كَانَ مُبْتَذَلًا، بِحَيْثُ يَكُونُ الْقُطْنُ وَالْكَتَّانُ أَعْلَى قِيمَةً مِنْهُ لِلنَّصِّ.
(وَيَحْرُمُ عَلَى ذَكَرٍ وَخُنْثَى بِلَا حَاجَةٍ لُبْسُ مَنْسُوجٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُمَوَّهٍ بِأَحَدِهِمَا) لِمَا فِيهِ مَنْ الْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ، وَتَضْيِيقِ النَّقْدَيْنِ وَكَالْآنِيَةِ (فَإِنْ اسْتَحَالَ) أَيْ: تَغَيَّرَ (لَوْنُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ) بِعَرْضِهِ عَلَى النَّارِ (أُبِيحَ) لُبْسُهُ، لِزَوَالِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ مِنْ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ، وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلْ لَوْنُهُ، وَاسْتَحَالَ لَكِنْ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَرْضِهِ عَلَى النَّارِ (فَلَا) يُبَاحُ، لِبَقَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ.
(وَيُبَاحُ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ، وَلَوْ لَمْ يُؤَثِّرْ لُبْسُهُ فِي زَوَالِهَا) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ فِي سَفَرٍ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» وَمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ صَحَابِيٍّ ثَبَتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَالْحِكَّةُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِكَسْرِ الْحَاءِ: الْجَرَبُ.
(وَ) يُبَاحُ لُبْسُ الْحَرِيرِ (لِقَمْلٍ) لِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ شَكَيَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمْلَ فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قَمِيصِ حَرِيرٍ فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لَمْ يُؤَثِّرْ لُبْسُهُ فِي زَوَالِهِ.
(وَ) يُبَاحُ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِ (مَرَضٍ) يَنْفَعُ فِيهِ لُبْسُ الْحَرِيرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ فِي الْمُبْدِعِ، قِيَاسًا عَلَى الْحِكَّةِ وَالْقَمْلِ.
(وَ) يُبَاحُ لُبْسُ الْحَرِيرِ (فِي حَرْبٍ مُبَاحٍ إذَا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ إلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَلَوْ) كَانَ لُبْسُهُ (لِغَيْرِ حَاجَةٍ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مَنْ لُبْسِهِ لِمَا فِيهِ مَنْ الْخُيَلَاءِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَذْمُومٍ فِي الْحَرْبِ.
(وَ) يُبَاحُ لُبْسُ الْحَرِيرِ (لِحَاجَتِهِ كَبِطَانَةِ بَيْضَةٍ) أَيْ: خُوذَةٌ (وَدِرْعٍ وَنَحْوِهِ) كَجَوْشَنٍ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ مَنْ احْتَاجَ إلَى لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ تَحَصُّنٍ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ أُبِيحَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الذَّهَبِ كَدِرْعٍ مُمَوَّهٍ بِهِ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ لُبْسِهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ.
(وَيَحْرُمُ إلْبَاسُ صَبِيٍّ مَا يَحْرُمُ عَلَى رَجُلٍ) مِنْ اللِّبَاسِ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ مَنْسُوجٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُمَوَّهٍ بِأَحَدِهِمَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا».
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كُنَّا نَنْزِعُهُ عَنْ الْغِلْمَانِ وَنَتْرُكُهُ عَلَى الْجَوَارِي» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَشَقِيقُ عَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ «قَمِيصُ الْحَرِيرِ عَلَى الصِّبْيَانِ» رَوَاه الْخَلَّالُ وَيَتَعَلَّقُ التَّحْرِيمُ بِالْمُكَلَّفِينَ بِتَمْكِينِهِمْ مَنْ الْحَرَامِ كَتَمْكِينِهِمْ مَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَكَوْنِهِمْ مَحَلًّا لِلزِّينَةِ مَعَ تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِمْ أَبْلَغُ فِي التَّحْرِيمِ.
(وَصَلَاتُهُ) أَيْ الصَّبِيِّ (فِيهِ) أَيْ: فِي الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ لُبْسُهُ (كَصَلَاتِهِ) أَيْ: الرَّجُلِ فَلَا تَصِحُّ قُلْتُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ صَلَاةِ الرَّجُلِ فِيهِ، إذَا كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي هُنَا الصِّحَّةُ، لِأَنَّ النَّهْيَ عَائِدٌ إلَى إلْبَاسِهِ، وَتَمْكِينُهُ مِنْهُ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا (وَمَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ حَرِيرٍ) كُلِّهِ أَوْ غَالِبِهِ (وَمُذَهَّبٍ) وَمُفَضَّضٍ مَنْسُوجٍ أَوْ مُمَوَّهٍ (وَمُصَوَّرٍ وَنَحْوِهَا) كَاَلَّذِي يُتَّخَذُ لِتَشَبُّهِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَعَكْسِهِ (حَرُمَ بَيْعُهُ) لِذَلِكَ.
(وَ) حَرُمَ (نَسْجُهُ) لِذَلِكَ (وَخِيَاطَتُهُ) لِذَلِكَ (وَتَمْلِيكُهُ) لِذَلِكَ وَتَمَلُّكُهُ لِذَلِكَ (وَأُجْرَتُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِلِاسْتِعْمَالِ (وَالْأَمْرُ بِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وَلِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا حُكْمُ الْمَقَاصِدِ، فَإِنْ بَاعَهُ أَوْ نَسَجَهُ أَوْ خَاطَهُ أَوْ مَلَكَهُ أَوْ تَمَلَّكَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ، كَتِجَارَةٍ وَكِرَاءٍ لِمَنْ يُبَاحُ لَهُ، فَلَا (وَيَحْرُمُ يَسِيرُ ذَهَبٍ تَبَعًا غَيْرُ فَصِّ خَاتَمٍ كَالْمُفْرَدِ).
وَفِي الْآنِيَةِ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ يَحْرُمُ فَصُّ خَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ وَيَأْتِي مَا فِيهِ مِنْ زَكَاةِ الْأَثْمَانِ.
(وَيَحْرُمُ تَشَبُّهُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ وَعَكْسُهُ) أَيْ: تَشَبُّهُ الْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ (فِي لِبَاسٍ وَغَيْرِهِ) كَكَلَامٍ وَمَشْيٍ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ وَلَعَنَ أَيْضًا «الرَّجُلَ يَلْبَسُ لُبْسَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لُبْسَ الرَّجُلِ» قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
(وَيُبَاحُ عَلَمُ حَرِيرٍ وَهُوَ طِرَازُ الثَّوْبِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ أَمَّا الْعَلَمُ وَسَدَى الثَّوْبِ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» رَوَاه أَبُو دَاوُد.
(وَ) يُبَاحُ (رِقَاعٌ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْحَرِيرِ (وَسَجْفُ الْفِرَاءِ) وَنَحْوُهَا قَالَهُ فِي الْآدَابِ لِقَوْلِ عُمَرَ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ إصْبَعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ» رَوَاه مُسْلِمٌ.
(وَ) يُبَاحُ مِنْ الْحَرِيرِ (لَبِنَةُ الْجَيْبِ، وَهِيَ الزِّيقُ) الْمُحِيطُ بِالْعُنُقِ (وَالْجَيْبُ: هُوَ الطَّوْقُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الرَّأْسُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَجَيْبُ الْقَمِيصِ وَنَحْوِهِ، بِالْفَتْحِ: طَوْقُهُ وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: الْجَيْبُ مَا يَنْفَتِحُ عَلَى نَحْرٍ أَوْ طَوْقٍ (إذَا كَانَ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْعَلَمِ وَالرِّقَاعِ وَالسَّجْفِ وَلَبِنَةِ الْجَيْبِ (أَرْبَعَ أَصَابِعَ) مُعْتَدِلَةً عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ (مَضْمُومَةً فَمَا دُونُ) بِالْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ، أَيْ: فَمَا دُونَهَا، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ.
(وَ) يُبَاحُ (خِيَاطَةٌ بِهِ) أَيْ: بِالْحَرِيرِ.
(وَ) يُبَاحُ (أَزْرَارٌ) جَمْعُ زِرٍّ مِنْ الْحَرِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ وَكِيسُ الْمُصْحَفِ، وَتَقَدَّمَ.
(وَيُبَاحُ الْحَرِيرُ لِلْأُنْثَى) لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُحِلَّ الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ لِلْإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا».
(وَيَحْرُمُ كِتَابَةُ مَهْرِهَا فِيهِ) أَيْ: الْحَرِيرِ فِي الْأَقْيَسِ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَقِيلَ: يُكْرَهُ) قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: لَوْ قِيلَ بِالْإِبَاحَةِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ.
(وَيُبَاحُ حَشْوُ الْجِبَابِ، وَ) حَشْوُ (الْفُرُشِ بِهِ) أَيْ بِالْحَرِيرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلُبْسٍ لَهُ وَلَا افْتِرَاشٍ وَلَيْسَ فِيهِ فَخْرٌ وَلَا عُجْبٌ وَلَا خُيَلَاءُ (وَلَوْ لَبِسَ ثِيَابًا فِي كُلِّ ثَوْبٍ) مَنْ الْحَرِيرِ (قَدْرٌ يُعْفَى عَنْهُ) مِنْ سَجْفٍ أَوْ رِقَاعٍ وَنَحْوِهَا (وَلَوْ جُمِعَ) مَا فِيهَا مِنْ الْحَرِيرِ (صَارَ ثَوْبًا، لَمْ يُكْرَهْ) ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ ثَوْبٍ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ غَيْرُ تَابِعٍ لِغَيْرِهِ.
(وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ) دُونَ الْمَرْأَةِ (لُبْسُ مُزَعْفَرٍ) لِقَوْلِ أَنَسٍ: «إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ (أَحْمَرَ مُصْمَتٍ) لِمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ، فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاه أَبُو دَاوُد قَالَ أَحْمَدُ يُقَالُ: أَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ آلُ قَارُونَ أَوْ آلُ فِرْعَوْنَ (وَلَوْ) كَانَ الْأَحْمَرُ الْمُصْمَتُ (بِطَانَةً) وَخَرَجَ بِالْمُصْمَتِ مَا فِيهِ حُمْرَةٌ وَغَيْرُهَا فَلَا يُكْرَهُ وَلَوْ غَلَبَ الْأَحْمَرُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ لُبْسُهُ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ، أَوْ الْبُرْدَ الْأَحْمَرَ.
(وَ) يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَيْضًا لُبْسُ (طَيْلَسَانَ وَهُوَ الْمُقَوَّرُ) عَلَى شَكْلِ الطَّرْحَةِ، يُرْسَلُ مَنْ فَوْقِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ لُبْسَ رُهْبَانِ الْمَلَكِيِّينَ مِنْ النَّصَارَى وَأَمَّا الْمُدَوَّرُ فَهُوَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ بَلْ ذُكِرَ اسْتِحْبَابُهُ وَقَدْ ذَكَرْتُ كَلَامَ السُّيُوطِيّ فِيهِ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى (وَكَذَا مُعَصْفَرٌ) فَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لِمَا رَوَى عَلِيٌّ قَالَ «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ، وَعَنْ لِبَاسِ الْقَسِّيِّ، وَعَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَعَنْ لِبَاسِ الْمُعَصْفَرِ» رَوَاه مُسْلِمٌ (إلَّا فِي إحْرَامٍ فَلَا يُكْرَهُ) لِلرَّجُلِ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ نَصَّ عَلَيْهِ وَيُبَاحُ لِلنِّسَاءِ لِتَخْصِيصِ الرَّجُلِ بِالنَّهْيِ.
(وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ) بِلَا حَاجَةٍ (وَلَوْ يَسِيرًا) سَوَاءٌ (كَانَ فِي إصْلَاحِ الْأُخْرَى أَوْ لَا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَلِمُسْلِمٍ «إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِي فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا» رَوَاه أَيْضًا مَنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِيهِ «وَلَا خُفٍّ وَاحِدٍ».
وَمَشَى عَلِيٌّ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَعَائِشَةُ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ رَوَاهُ سَعِيدٌ.
(وَيُكْرَهُ) الْمَشْيُ (فِي نَعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ) كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَصْفَرَ وَالْآخَرُ أَحْمَرَ (بِلَا حَاجَةٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الشُّهْرَةِ.
(وَيُسَنُّ اسْتِكْثَارُ النِّعَالِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «اسْتَكْثِرُوا مِنْ النِّعَالِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ» قَالَ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى تَرْغِيبِ اللُّبْسِ لِلنِّعَالِ لِأَنَّهَا قَدْ تَقِيهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَالنَّجَاسَةَ.
(وَ) يُسَنُّ (تَعَاهُدُهَا عِنْدَ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ وَلْيَنْظُرْ فِيهِمَا، فَإِنْ رَأَى خَبَثًا فَلْيَمْسَحْهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا» رَوَاه أَبُو دَاوُد.
(وَ) تُسَنُّ (الصَّلَاةُ فِي الطَّاهِرِ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ النِّعَالِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ لِلْأَخْبَارِ مِنْهَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ يَزِيدَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَنَسًا أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: الْأَوْلَى حَافِيًا.
(وَ) يُسَنُّ (الِاحْتِفَاءُ أَحْيَانًا) لِحَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَيُرْوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عُمَرَ (وَ) يُسَنُّ (تَخْصِيصُ الْحَافِي فِي الطَّرِيقِ) بِأَنْ يَتَنَحَّى الْمُنْتَعِلُ عَنْ الطَّرِيقِ وَيَدَعُهَا لِلْحَافِي، رِفْقًا بِهِ.
(وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ الْإِرْفَاهِ) أَيْ التَّنَعُّمِ وَالدَّعَةِ، وَلِينِ الْعَيْشِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْعَجَمِ وَأَرْبَابِ الدُّنْيَا.
(وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ النَّعْلِ أَصْفَرَ وَالْخُفِّ أَحْمَرَ) وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ أَصْحَابِنَا (أَوْ أَسْوَدَ) قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَأَنْ يُقَابِلَ بَيْنَ نَعْلَيْهِ «وَكَانَ لِنَعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَالَانِ» بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ السَّيْرُ بَيْنَ الْوُسْطَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا.
(وَيُكْرَهُ لُبْسُ الْإِزَارِ) قَائِمًا (وَ) لُبْسُ (الْخُفِّ) قَائِمًا (وَ) لُبْسُ (السَّرَاوِيلِ قَائِمًا) خَشْيَةَ انْكِشَافِ عَوْرَتِهِ (وَلَا) يُكْرَهُ (الِانْتِعَالُ) قَائِمًا وَصَحَّحَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْكَرَاهَةَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ أَيْ الْإِمَامِ فِي صِحَّةِ الْإِخْبَارِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَيُكْرَهُ نَظَرُ مَلَابِسِ حَرِيرٍ وَآنِيَةٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنَحْوِهَا إنْ رَغَّبَهُ) النَّظَرُ إلَيْهَا (فِي التَّزَيُّنِ بِهَا وَالْمُفَاخَرَةِ) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ رِيحُ الْخَمْرِ كَصَوْتِ الْمَلَاهِي حَتَّى إذَا شَمَّ رِيحَهَا كَانَ بِمَثَابَةِ مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الْمَلَاهِي، وَأَصْغَى إلَيْهَا وَيَجِبُ سَتْرُ الْمَنْخَرَيْنِ وَالْإِسْرَاعُ، كَوُجُوبِ سَدِّ الْأُذُنَيْنِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِ وَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى مَلَابِسِ الْحَرِيرِ وَأَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنْ دَعَتْ إلَى حُبِّ التَّزَيُّنِ وَالْمُفَاخَرَةِ حُجِبَ ذَلِكَ عَنْهُ قَالَهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى.
(وَ) يُكْرَهُ (التَّنَعُّمُ) وَتَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مَنْ الْإِرْفَاهِ.
(وَ) يُكْرَهُ (زِيُّ) بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: هَيْئَةُ (أَهْلِ الشِّرْكِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَيْ: هَذَا الْحَدِيثِ- أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيمَ التَّشَبُّهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي كُفْرَ الْمُتَشَبِّهِ بِهِمْ.
(وَيُسَنُّ التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ) لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا «الْبَذَاذَةُ مِنْ الْإِيمَانِ» رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: هُوَ التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ.
(وَ) يُسَنُّ (لُبْسُ الثِّيَابِ الْبِيضِ) لِحَدِيثِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبِيضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاه أَبُو دَاوُد (وَهِيَ) أَيْ الثِّيَابُ الْبِيضُ (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهَا (وَ) تُسَنُّ (النَّظَافَةُ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ وَمَجْلِسِهِ) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ» وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُعْجِبُهُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ الرِّيحَ الطَّيِّبَةَ وَالثِّيَابَ النَّظِيفَةَ.
(وَ) يُسَنُّ (إرْخَاءُ الذُّؤَابَةِ خَلْفَهُ) نُصَّ عَلَيْهِ.
(قَالَ الشَّيْخُ إطَالَتُهَا) أَيْ الذُّؤَابَةِ (كَثِيرًا مَنْ الْإِسْبَالِ) وَإِنْ أَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَحَسَنٌ قَالَهُ الْآجُرِّيُّ وَأَرْخَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ خَلْفِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ وَعَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ ذَكَرَهُ فِي الْآدَابِ.
(وَيُسَنُّ تَحْنِيكُهَا) أَيْ: الْعِمَامَةِ لِأَنَّ عَمَائِمَ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ كَذَلِكَ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَيُجَدِّدُ لَفَّ الْعِمَامَةِ كَيْفَ شَاءَ) قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَمُّ يُدِيرُ كَوْرَ الْعِمَامَةِ عَلَى رَأْسِهِ وَيَغْرِزُهَا مِنْ وَرَائِهِ، وَيُرْخِي لَهَا ذُؤَابَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ».
(وَيُبَاحُ السَّوَادُ وَلَوْ لِلْجُنْدِ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» وَكَذَا يُبَاحُ الْأَخْضَرُ وَالْأَصْفَرُ.
(وَ) يُبَاحُ (فَتْلُ طَرَفِ الثَّوْبِ) مِنْ رِدَاءٍ وَغَيْرِهِ (وَكَذَا) يُبَاحُ (الْكَتَّانُ) وَالْقُطْنُ وَالصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَالْوَبَرُ (وَ) يُبَاحُ لُبْسُ (الْيَلْمَقِ وَهُوَ الْقَبَاءُ وَلَوْ لِلنِّسَاءِ وَالْمُرْدِ، وَلَا تَشَبُّهَ) لِمَا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ يَحْرُمُ تَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَعَكْسُهُ.
(وَيُسَنُّ السَّرَاوِيلُ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَأْتَزِرُونَ قَالَ تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا، وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ» (وَالتُّبَّانُ) بِضَمِّ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ سَرَاوِيلُ قَصِيرٌ جِدًّا (فِي مَعْنَاهُ) أَيْ: مَعْنَى السَّرَاوِيلِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ.
(وَ) يُسَنُّ (الْقَمِيصُ) لِقَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ «كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمِيصُ» رَوَاه أَبُو دَاوُد (وَ) يُسَنُّ (الرِّدَاءُ) لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْفِرَاءِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ مَمْدُودًا جَمْعُ فَرْوٍ بِغَيْرِهَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَأَثْبَتَهَا ابْنُ فَارِسٍ وَيَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الْآتِي (إذَا كَانَتْ) الْفِرَاءُ (مِنْ جِلْدٍ مَأْكُولٍ مُذَكًّى مُبَاحٍ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا) كَسَائِرِ الطَّاهِرَاتِ وَتَقَدَّمَ فِي الْآنِيَةِ: يَحْرُمُ لُبْسُ جُلُودِ السِّبَاعِ وَإِنَّهُ يُبَاحُ دَبْغُ جِلْدٍ نَجِسٍ بِمَوْتٍ وَاسْتِعْمَالُهُ بَعْدَهُ فِي يَابِسٍ (وَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ: غَيْرِ جِلْدٍ مُذَكًّى (كَجِلْدِ ثَعْلَبٍ وَسَمُّورٍ وَفَنَكٍ وَقَاقَمٍ وَسِنَّوْرٍ، وَسِنْجَابٍ وَنَحْوِهِ) كَذِئْبٍ وَنَمِرٍ (وَلَوْ ذُكِّيَ) أَوْ دُبِغَ لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِذَلِكَ كَلَحْمِهِ.
(وَيُكْرَهُ مِنْ الثِّيَابِ مَا تُظَنُّ نَجَاسَتُهُ لِتَرْبِيَةٍ) كَثِيَابِ الْمَرْأَةِ الْمُرَبِّيَةِ لِلْأَطْفَالِ (وَرَضَاعٍ وَحَيْضٍ وَصِغَرٍ، وَكَثْرَةِ مُلَابَسَتِهَا) أَيْ: النَّجَاسَةِ (وَمُبَاشَرَتِهَا، وَقِلَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهَا فِي صَنْعَةٍ وَغَيْرِهَا وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ) هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا عُبِّرَ بِهِ فِي الشَّرْحِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْآنِيَةِ: أَنَّ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ طَاهِرٌ مُبَاحٌ.
(وَيُكْرَهُ لُبْسُهُ) جِلْدًا مُخْتَلَفًا فِي طَهَارَتِهِ (وَ) يُكْرَهُ (افْتِرَاشُهُ جِلْدًا مُخْتَلَفًا فِي طَهَارَتِهِ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْآدَابِ: قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ إذَا دُبِغَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ، وَقُلْنَا لَا يَطْهُرُ: جَازَ أَنْ يُلْبِسَهُ دَابَّتَهُ وَيُكْرَهُ لَهُ لُبْسُهُ وَافْتِرَاشُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ قَالَ وَلَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً انْتَهَى وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْمَجْدِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَلَى الْأَظْهَرِ بَلْ قَطَعَ بِذَلِكَ (وَلَهُ إلْبَاسُهُ) أَيْ الْجِلْدُ الْمُخْتَلَفُ فِي طَهَارَتِهِ (دَابَّتَهُ) لِأَنَّهُ كَاسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ (وَيَحْرُمُ إلْبَاسُهَا) أَيْ: الدَّابَّةِ (ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: (وَحَرِيرًا) وَقَطَعَ الْأَصْحَابُ: لَهُ أَنْ يُلْبِسَهَا الْحَرِيرَ، قَالَهُ فِي الْآدَابِ وَقَالَ: لَهُ أَنْ يُلْبِسَ دَابَّتَهُ جِلْدًا نَجِسًا.
ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ (وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحِبَرَةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهِيَ الَّتِي فِيهَا حُمْرَةٌ وَبَيَاضٌ رَوَى أَنَسٌ قَالَ «كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهَا الْحِبَرَةُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) لَا بَأْسَ بِلُبْسِ (الْأَصْوَافِ وَالْأَوْبَارِ، وَالْأَشْعَارِ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إلَى حِينٍ} وَلِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ» (وَكَذَا) تُبَاحُ (الصَّلَاةُ عَلَيْهَا، وَعَلَى مَا يُعْمَلُ مِنْ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، وَعَلَى الْحُصُرِ) وَغَيْرِهَا مِنْ الطَّاهِرَاتِ، لِمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا قَالَ «وَنُضِحَ بِسَاطٌ لَنَا نُصَلِّي عَلَيْهِ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ يَرَوْا بِالصَّلَاةِ عَلَى الْبِسَاطِ وَالطَّنْفَسَةِ بَأْسًا.
وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: «كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ».
(وَيُبَاحُ نَعْلُ خَشَبٍ) قَالَ أَحْمَدُ إنْ كَانَ حَاجَةً. «وَيُسَنُّ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ» لِلْخَبَرِ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ: عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا، أَوْ رِدَاءً ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ. وَفِي نُسْخَةٍ «أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْخَلَقِ الْعَتِيقِ النَّافِعِ».
تَتِمَّةٌ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ: يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ جَدِيدَةٍ: سَرَاوِيلُهُ، وَمَدَاسُهُ، وَخِرْقَةٌ يُصَلِّي عَلَيْهَا.